حياته الأدبية :
كانت حياة الشيخ على معمر حافلة بالنشاط الأدبي والإنتاج الفكري شعرا ونثرا وقد امتاز في كتابه بالأسلوب الرصين والتحليل والنقد الذي يكشف عن ذوق سليم، وكفاية علمية وامتلاك لأدوات النقد - حسب مستواه - من رصيد لغوي معتبر، واطلاع على أساليب الكتابة الأدبية الفنية والمام بقواعد اللغة العربية من نحو وصرف وعروض وبلاغة وغيرها وسعة اطلاع في مختلف المعارف ماظهر في تآليفه التي تمتاز بجودة الأسلوب امتاعا واقناعا، يقول بعد نقده لقصيدة لأحد زملائه وما أثارته حوله من زوابع من المنتصرين لصاحب القصيدة : " لكن الحكم الأدبي في تقدير الفن والأدب انما هو الذي يستطيع تعليل حكمه كما يقول العقاد فاذا عجز عن الحكم استطاع أن يعلل عجزه بكلام سائغ في الإفهام ولا يكون ذلك إلا ناقد ذو ثقافة أدبية واسعة وطبيعة فنية موهوبة ونظر مميز فاحص فهو الذي يمكنه أن يميز الجوهر من الخزف والدر من الصدف وهذا التمييز هو المعول عليه في تقدير الحق وه الحكم الأدبي الصحيح الذي يرمقه المعنيون بدراسة التواريخ الأدبية للأمم والأفراد ثم هو الذي يبقى على الزمن على حين تطير الفواقع والقواقع وتموت التقاريظ الأدبية الرخيصة " فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض "
من أشعاره نورد الأبيات التالية :
نحن شبان البلاد حاملوا بند الجهاد
لسنا نرضى باضطهاد ابدا لا نستكين
نحن للشعب حماة نحن في الارض كماة
نحن للمجد بناة لا نرى مستبعدين
نحن سادات البرايا نحن خواض المنايا
نحن للعز ضحايا نبتني المجد الرصين
إن عدا عادٍ وثبنا فقتلنا وضربنا
لسنا نرضى الذل جبنا لا نذل لانهين
نطرد العادين قهرا ونرى الإذعان كفرا
هل درى العادون أنّا الحتف للمستعمرين
شعبنا أرقى المعالي حائزا كل الكمال
إننا أسد الغوالي نحرس الغاب الأمين
عش فريدا في الزمان في رواق من أماني
بالغا أقصى الأمالي رغم أنف المعتدين
هذه نموذج من شعره يمثل مرحلة النشأة وذلك حين كان طالبا وفي فترة التلقي والتحصيل كما تمثل مرحلة النضج والوعي وذلك ما كتبه في آخر حياته أما ما بين ذلك فلن نستطيع أن نقول عنه شيئا ولكن يمكن أن نستانس بما قاله الشيخ سالم ابن يعقوب في أدب على يحى معمر لأنه عاشره طويلا وعرف عنه الكثير يقول : " كان الشيخ على يحي معمر رحمه الله ولوعاً بالأدب نثره وشعره قديمه وحديثه لصفاء نفسيته ورقة وجدانه ورهافة عاطفته وخصب شاعريته ما ظهر في كتابته وتآليفه فيما بعد من جمال الأسلوب ودقة المعنى وحلو العبارة وليس عجبا أن نرى منه مثل هذا وهو الذي تتلميذ على كبار العلماء أمثال الشيخ الليني بجربة والشيخ ابراهيم بيوض والشيخ عدون وغيرهم وهو الذي عاش في ذلك الجو العبق بالمعرفة والملي بالأنشطة الطالبية المتنوعة المتطلع الى غد افضل للدين والحياة في دنيا الاسلام وقد كان له فيه القدح المعلي حيث شارك في كل خلية فيه بما أوتى من شجاعة أدبية وذكاء وصدق نية وحسن استعداد يلقي القصائد الشعرية وينظم الاناشيد الحماسية ويؤلف المسرحيات التاريخية ويرتجل الخطب النارية مما جعل منه رائد الشباب وقائده آنذاك "
مؤلفاته :
كتب الشيخ على يحى معمر في مواضيع مختلفة كالفقه والتاريخ والأدب والسير والسياسة والاجتماع وحقق وعلق ونشر مقالات عديدة
وكتابات تمتاز بمميزات أجملها ابو اليقظان في تقريظه لمؤلفه " الاباضية في موكب التاريخ " لأن ما نلمسه في هذا الكتاب من أسلوب رائق ولغة بسيطة ومنطق مقبول في العرض والمناقشة وتواضع في التعبير .....
يقول ابو اليقظان : " تسلمت شطرا من كتابك الاباظية في موكب التاريخ فتصفحت مقدمته وشطرا منه فوجدته كتابا بديعا في فنه وديعا في أسلوبه ينساب كالماء في الأغصان وقت الربيع أو كالنسيم فيه يأخذ من يانع الزهر ولا يكاد يشعر به الإنسان إلا وقد بلغ الغاية بين تجاويف القلوب ولفائف النفوس توخيت في أسلوبه الوداعة والبساطة لا حدة ولا عنصرية ولا إجحاف بحق الامة في تاريخ أسلافها وهكذا ذهبت كالسهم الى اللب فاقتنصته بلباقة وطعمت به لفائفه وأغشيته كالطبيب حتى ركزته في بؤرة مرض من المريض بدون أن يشعر بمرارة الدواء حتى يجد راحة الشفاء ... هكذا فليكن الدعاة.
أسلوب متواضع رصين يأخذ طريقه الى القلوب فبارك الله لك في قلمك السيال وفكرك المنتج وضميرك اليقظ "
قائمة المؤلفات :
الكتب :
1- الاباضية في موكب التاريخ ( أربع حلقات )
2- الاباضية بين الفرق الاسلامية
3- سمر أسرة مسلمة
4- الميثاق الغليظ
5- الفتاة الليبية ومشاكل الحياة
6- الأقانيم الثلاثة
7- الاسلام والقيم الانسانية
8- فلسطين بين المهاجرين والانصار
الرسائل:
1- أجوبة وفتاوى
2- صلاة الجمعة
3- أحكام السفر في الإسلام
4- مسلم لكنه يحلق ويدخن بالاشتراك مع الشيخ بيوض ابراهيم
5- الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ( مخطوط )
6- الحقوق في الأموال ( مخطوط )
البحوث :
1- مناقشة للشيخ خليل المزوغي
2- بحث قيم حول أجوبة أبى يعقوب يوسف بن خلفون
3- بحث قدمه الى موسوعة الحضارة العربية
المقالات :
أولا المنشورة :
1- الحزم في التربية ( نشر التوثيق والبحوث التربوية )
2- الطفل في القران الكريم
3- رد على الاستاذ خليل المصري
4- حاكم مصر والحكم الذاتي
5- الاستسلام ليس من خلق الاسلام
6- الحسبة في الاسلام واللجان الثورية ( الاسبوع السياسي )
ثانيا غير المنشورة
1- فتاوى لأسئلة واردة من أشخاص
2- الشعب المسخ
3- المؤتمرات الاسلامية صور من صور الاجماع
4- من هو صاحب السلطة في الاسلام
5- اللحوم المحرمة ( مشروع للمناقشة )
6- حكومات بدون شعوب
7- لمحة تاريخية عن الاباضية
8- هل ضل العلماء بين المسجد والمؤتمر
التعاليق :
1- تعليق على كتاب الصوم لأبي زكرياء الجناوني
2- تعليق على كتاب الزكاة لأبي زكريا الجناوني
3- مقدمة لكتاب " سير مشائخ نفوسة " الذي حققه د.عمرو النامي
من مسرحياته :
1- مسرحية : " ذي قار " ذات المغازي السياسية
2- مسرحية محسن
وفاته:
توفي رحمه الله تعالى يوم الثلاثاء 27 صفر 1400 ه الموافق 15 يناير 1980 م على الساعة الحادية عشرة
يقول الشيخ سالم بن يعقوب : " كان لهذا الجهد المضني المتواصل في الاغتراب والتنقل لتلقي العلم ثم لنشره عند استقراره ببلاده على اوسع نطاق مع قلة ذات اليد وعدم وجود المعين أثره الفعال في تدهور صحته يضاف اليه المضايقات السياسية الكثيرة التي لاحقته باستمرار في ذاته تندد عليه نشاطه الديني والعلمي وفي ابنائه بسجنه وتشريدهم عنه ولاننسى نكران جميله من بني جلدته مصداقا لقول الشاعر :
وظلم ذوي القربى أشد مرارة على النفس من وقع الحسام المهند
ولكن فقيدنا يستمر هازئا بكل ماذكر حتى تعاورته العلل المتنوعة وخاصة ضيق التنفس وضغط الدم وعسر الهضم فانهد كيانه وذوى عوده ولم تجده المعالجة حتى في الخارج بايطاليا فسقط في ميدان الجهاد شهيد العلم والواجب يرحمه الله يشهد بهذا ماتجمع لتشييع جثمانه الطاهر من حشود عظيمة ضمت علية القوم في العلم والسياسة والاقتصاد من الاصحاب والاصدقاء حتى ممن كان يناصبه العداء.
وقد رثاه شعراء عديدون وأبنه خطباء متعددون وسجل مناقبه ومآثره كتاب كثيرون ونحن في ختام العرض المقتضب نثبت أبياتا لأحد الشعراء الذين تأثروا لوفاة الشيخ على يحى معمر مطلع القصيدة :
من للكتاب وللقرطاس والقلم
من للمنابر، من للفقه والكلم
يقول الشاعر عمرو سعيد داوود في قصيدته في رثاء الشيخ في طرابلس 18 يناير 1981م ( القصيدة طويلة بلغت أربعين بيتا وهذه بعض منها ) :
من للكتاب وللقرطاس والقلم
من للمنابر، من للفقه والكلم
سطرت تاريخنا رغم الأولى جحدوا
ما للنفوس من مجد، ومن عظم
في "موكب" توج الأجداد هامته
بالعلم ، بالدين بالأفاضل والشمم
في موكب نحن قد كنا طلائعه
إلى العلى ، حيث كان الغير في ظلم
ألم يكن حجة في الفقه ساطعة
مثل السراج، يضيء الكون في الظلم
كم وقفة منه ضد البغي صامدة
أمامه، لم يكن يوما بمنهزم
كم صرخة في سبيل الحق أطلقها
في وجه من عن سبيل الرشد في صمم
واسمر ليالي هدى ، تحت أنجمه
مع بنيك ، تجد فيضا من النعم
رسالة المسجد المعمور رصعها
بالدر حتى أتت في خير منتظم
يارب ادخله دارا أنت مدخلها
محمدا سيد الأعراب والعجم
وفيه عوض إلهي المسلمين وجد
فأنت خالق هذا الكون من عدم
قام بإعدادالموضوع : سليمان دوغة
[right]