[center][b]
عمرو خليفة النامي
(1358هـ/1939م - ؟)
ولد الدكتور عمرو بن خليفة النامي في نالوت بجبل نفوسة بليبيا.
تربى في أحضان عائلة كريمة عَلَى قِلَّة ذات يدها.
اختلف إلى الكتَّاب يحفظ القرآن الكريم، وتعلَّم مبادئ اللغة العربية والعلوم الشرعية، وكانت نالوت في بدايات نهضة علمية وحركة إصلاحية ترأَّسها الشيخ علي يحيى معمَّر، فارتسمت صورة الشيخ المهيبة في ذاكرة الطفل الذي انتقل بعد ذلك إلى مدينة غريان في ليبيا حيث درس في المدرسة الإعدادية والثانوية.
وكان اختلاف الشاب الذكي إلى مجالس الشيخ علي معمَّر في التاريخ بخاصَّة الينبوعَ الذي استقى منه العبقرية والإرادة والمثابرة.
في سنة 1958م التحق بجامعة بنغازي، وكانت له علاقات حميمة مع أساتذته الوافدين من جامعتي القاهرة والإسكندرية، خاصَّة مع الدكتور محمَّد محمَّد حسن، الذي ربطته به علاقة بنوَّة عميقة، وكان الدكتور معجبا بذكاء النامي ونجابته وأخلاقه.
كان من النجباء الأوائل الذين اختارتهم الجامعة ليزاولوا دراساتهم العليا خارج ليبيا؛ فتوَّجه أَوَّلاً إلى مصر، غير أنَّ أحداث 1965م اضطرَّته للعودة إلى ليبيا، وسرعان ما أعاد الكرَّة نحو ببريطانيا، بعد موافقة الجامعة الليبية، بفضل مديرها الدكتور مصطفى بعيُّو. فسافر إلى بريطانيا سنة 1967م، وأمضى في جامعةكمبردج خمس سنوات، باحثا منقبا، ومستفيدا من الثقافة الإنجليزية وأصبح يكتب بها بحوثه ومحاضراته.
قَدَّمَ أطروحة دكتوراه (PH. D.).
اكتسب في المهجر تجربة فكرية وسِيَاسِية، وثقافة واسعة، وعلاقات كثيرة مع أهل العلم والفكر ورواد الحركات الإسلامية من مختلف الأجناس واللغات والقارات.
في صيف 1971م رجع إِلىَ وطنه ليشارك في بنائه بالكلمة الطَّيِّبة، ولكن بدَل أن يُشرَّف بالمنابر استقبلته ظلمات العنابر، فمن مراكز الشرطة إلى غرفات التحقيق، ومنها إلى زنازن السجون والمعتقلات.
بدأ تدريسه ونشاطه في جامعة بنغازي، ثمَّ نقل إلى جامعة طرابلس.
ثُمَّ اعتقل ثانية في الحملة الواسعة سنة 1972م تحت شعار: الثورة الثقافية، واضطُهد معه كثير من المثقَّفين، منهم أستاذه الشيخ علي يحيى معمَّر، ودامت هذه المحنة قرابة سنتين.
وبعد أن أفرج عنه، أُجبر عَلَى مغادرة البلاد، وخُيِّر بين: اليابان، وأمريكا اللاتينية، وإفريقيا. فسافر مع ذلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لتدريس اللغة العربية والفكر الإسلامي في جامعة متشيجان، وما لبث أن أرغم عَلَى الذهاب إلى اليابان سنة 1979م، وهناك شعر بالغربة، رغم ما قدَّمه من خدمات جلَّى للحركة الإسلامية، لاسيما في الميدان الطلابي، عاد إلى وطنه ليبيا قبل تمام العام من مغادرته.
فاشترى قطيعا من الغنم، وراح يرعاه بضواحي الجبل ليأمن عَلَى دينه من فتنة أصبحت لا تطاق.
ولم يتحقَّق مبتغاه برعي الأغنام، فاعتقل من جديد في سنة 1981م، وزُجَّ به في السجن، دون محاكمة.
ومنذ 1986م انقطعت أخباره إِلىَ اليوم...؟
ولم يبق من الدكتور سوى أعماله الصالحة، وكتاباته القيمة، التي تشهد له بالتفوق والنبوغ، وما من أحد سمع عنه إلاَّ ويتمنَّى مطالعة عمل من أعماله، أو قراءة قصيد من شعره، أو التمتع بتحقيق من تحقيقاته.
ولعلَّ هذه القائمة التي نسجِّلها هنا، هي أطول حصر لأعمال الدكتور، ولكن يبقى الأمل في العثور على عناوين أخرى، أو لعلَّ الله تعالى يجود به حَيا مكرَّما.
أوَّلا- مؤلفاته:
1. أطروحة دكتوراه باللغة الإنجليزية، تحت عنوان:
«دراسات في الإباضية».
«Studies in Ibadism» نالها سنة 1971م، ويبدو أَنهَا قد طبعت في لبنان كما ذكر المستشرق شفارتز؛ قامت جمعية التراث بترجمتها إلى العربية، ومراجعة د. محمَّد ناصر ومصطفى باجو ومحمَّد باباعمي، وهي تنتظر الطبع. كما أخبرنا مدير دار الغرب الإسلامي أنه أشرف على ترجمتها ترجمة أخرى، وهي قيد الطبع.
2. كتاب «ظاهرة النفاق في إطار الموازين الإسلامية» ألَّفه وهو في السجن سنة 1973م، صدرت طبعته الأولى سنة 1979م. وتوجد منه نسخة بالمكتبة الوطنية بتونس.
3. «Description of new Ibadi manuscripts from North Africa» وصف لمخطوطات إباضية مكتشفة من شمال إفريقيا.
4.مجموعة من القصائد، لو جمعت لكوَّنت ديوانا، وهي في مجملها تدلُّ على شاعرية فياضة، وأحاسيس نبيلة. من بينها: «همزية في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام»، وقصيدة في الغربة نظمها باليابان، وقصيدة أخرى فيها شكاة وأناة،
وقصيدة «أُماه!» نشرت في مجلة الغُرباء، وأنشدتها الفرق الفنية الإسلامية ملحَّنة، ثمَّ طبعت ضمن كتاب قصائد إلى الأمِّ والأسرة، مطلعها:
أمَّاه لا تجزعي فالحافظ الله إنا سلكنا طريقا قد خبرناه
ثانيا- تحقيقاته:
1. «أجوبة ابن خلفون» حقَّقه ملحقا بأطروحة الدكتوراه، وهو مطبوع في دار الفتح لبنان، 1974م.
2. «أجوبة علماء فزَّان: جناو ابن فتى وعبد القهار بن خلف» - المجموعة الأولى - حققها وقدم لها الدكتور النامي، وأكمل التحقيق وأشرف على الطبع الشيخ إبراهيم طلاي، طبع بدار البعث، قسنطينة، 1991م.
3. «كتاب قناطر الخيرات للجيطالي - يشتمل عَلَى قنطرتي العلم والإيمان» استهلَّه الدكتور بمقدَّمة قيمة، وطبع في مكتبة وهبة بالقاهرة، سنة 1965م، وصوِّر بالجزائر.
4. «الردُّ على جميع المخالفين لأبي خزر يغلا» حقَّقه النامي، وأكمل التحقيق الباحث أحمد كروم، ولا يزال مرقونا ينتظر الطبع.
5. «أصول الدين لتبغورين بن عيسى الملشوطي» ملحقا بالدكتوراه.
ثالثا- المقالات والمحاضرات:
1. نَشرت صحيفة «العلم» الليبية ما بين 1968 و1971م عددا من المقالات النقدية لعمرو النامي، منها: «الحضارة الغربية وموقفها من الإسلام والعالم الإسلامي» و«الشعر الحديث» نماذج ليبية، اختار لها عنوان: «فصول من الجدِّ الهازل». ومقالات أخرى بعنوان: «رَمزٌ أم غمزٌ في القرآن» وفيها ردٌّ على كتابات الصادق النيهوم، ولعلَّ أبرزها وأكثرها دويا مقاله: «إلى متى يظلُّ المسيح بدون أب». ومن مقالاته المثيرة: «كلمات للثورة».
2. عدَّة محاضرات في ملتقيات وطنية ودولية، منها محاضرته بملتقى الفكر الإسلامي بوارجلان، حول الحركة العِلمِيَّة بوارجلان في القرن السادس الهجري.
عاش النامي وفيا لدينه، قويَّ الإيمان، لم تزعزعه الأعاصير، شغل عمره القصير بجلائل الأعمال موقنا أَنَّ ثمة أمورًا ثلاثة، للهِ وحده تدبيرها، لا دخل للمرء فيها: الأعمار، والأرزاق، والنصر.
المصادر:
*النامي: دراسات عن الإباضية
*علماء فزان: أجوبة علماء فزان، مقدمة طلاي والنامي، 1-44
*الجيطالي: قناطر الخيرات، مقدمة النامي
*أبو خزر: الرد على جميع المخالفين، مقدمة النامي
*حسني أدهم جرار: قصائد إلى الأم والأسرة، ص57-59
*محمد ناصر: ترجمة مطولة للنامي كمقدمة لترجمة أطروحته للدكتوراه، تحت الطبع، 15ص
*الناكود: محمود محمَّد: كاتب إسلامي مختف منذ سنة 1986م، الدكتور عمرو النامي: سيرته ومواقفه؛ صحيفة «العالم» عدد 468، السبت 7 شعبان 1413ه/30 جانفي 1993م، ص34-35.